"إنجازات المنظمة هي نتائج جهد مشترك لكل فرد فيها" -فينس لومباردي.
يسهب البعض في الحديث عن إدارة المنتجات مما يؤدي إلى الخلط بينه وبين "قيادة المنتجات"، على الرغم من أنهم مصطلحان مختلفان بعض الشيء، فما الفرق بينهما؟ وما دور إدارة المنتجات في تعزيز العمل الجماعي؟ دعنا نتحدث قليلًا عن الموضوع…

تبعًا لما ورد في كتاب  Leading Product Management لمؤلفه Steven Haines: إن ما وصل إليه تشارلز داروين في نظريته الشهيرة التي تعرف بـ "نظرية التطور" كانت نتاج الانتقاء الطبيعي، أي أنه لم يكُ للكائنات أن تتطور وتعيش إلا بقوتها وقدرتها على التكيف والتعاون المشترك، وهذا ما لا يصلح في الأعمال التجارية، ولكن هل هو دقيق؟ 
 

العمل الجماعي1

 

في الواقع الأمر ليس بهذه الدقة؛ لأن العمل الجماعي والتعاون له قدرة مضاعفة على النجاح بكمية أكبر من العمل الفردي الوظيفي، تمت في إحدى الشركات دراسة لاختبار ما يعرف بـ "الداروينية المشتركة" ومضمونها، وكيف يمكن أن يؤثر التعاون على مسار الشركة نحو أهدافها، تخيل أن حالة واحدة فقط كانت نتائجها سلبية، وهذا ما يؤكد أهمية التشارك والتعاون في العمل.

الهدف الرئيس من مشاركة هذه الدراسة هو التأكيد على أن كل فرد له دور نهائي في إدارة المنتج لتحقيق الهدف الاستراتيجي للمؤسسات…

الحالة الأولى: سوء الإدارة التنظيمي

يقول أحدهم:

قبل عدة سنوات، تعاونت شركتنا مع شركة برمجيات وخدمات متوسطة الحجم، تضمن المشروع الذي قمنا به تشخيصًا تنظيميًا لمقابلة و تقييمات و فحص الكفاءات لدى ثماني وأربعين من مديري المنتجات وتسعة من مدرائهم، كما أجرينا مقابلات مع الرئيس التنفيذي واثني عشر من القادة في وظائف أخرى. 

كشفت النتائج التي توصلنا إليها ما يلي:

على الرغم من أن غالبية أولئك الذين شملهم المقابلات كان لديهم وظيفة واحدة وهي: "مدير منتج"، إلا أنه أكثر من ثلاثة أرباع الذين تمت مقابلتهم استخدموا "مدير المنتج" و "مدير المشروع" بالتبادل. في النهاية، وجدنا 32 مسمى وظيفي مختلفًا بين ثماني وأربعين موظفًا !

ومن ناحية أخرى، كانت هناك فجوة كبيرة بين كيفية منح مديري المنتجات مسؤولية مراقبة الأداء المالي للمنتج وما توقعه كبار قادتهم؛ فعلى الرغم من أن كبار القادة أمروا مديري المنتجات بهذه المسؤولية، إلا أن مديري المنتجات لم يشعروا أن فحص الموارد المالية للمنتج كان جزءًا من وظيفتهم، بدا الأمر كما لو أن لا أحد يشعر بالمساءلة عن البيانات المالية للمنتج أو عن الأداء العام للمنتج، وقد أظهر تقييمنا أن الدرجات المتعلقة بالفطنة المالية كانت الأدنى بين جميع الفئات. 

السبب لكل هذا الضعف كان واضحًا؛ فجميع الأشخاص في مناصب إدارة المنتجات كانوا خبراء بتخصصات بعيدة كل البعد عن المسائل المالية، بالإضافة إلى ذلك كان هنالك اختلالات شديدة الخطورة عبر وظائف العمل المختلفة وكمية من الارتباك في تمثيل الدور؛ فكانت ملكية المنتج في حالة من الفوضى؛ حيث ادعت المبيعات ملكية المنتج؛ لأنها أبرمت الصفقات وراقبت الإيرادات. كما اعتقد التسويق ذلك؛ لأن العديد من مديري المنتجات أُهموهمُ بهذا الشيء، وكان لتطوير المنتج أعلى صوت لأنهم تمتلك شيئًا يسمى "عملية دورة حياة المنتج". 

بعد الانتهاء من جميع التقييمات وإعداد التقارير الخاصة بنا  لتشخيصي الدراسة، قمنا إحاطة الرئيس التنفيذي بإيجاز، ثم طلب منا تقديم نتائجنا وتوصياتنا في اجتماع القيادة العليا، وعليه قدمنا ​​البيانات واستعراض الرؤية الخاصة بنا.
 
بعد ذلك بدء الفريق بمناقشة نقاط الاجتماع الذي يدور حول:

(1) السير نحو مواءمة أفضل للوظائف

(2) توضيح الأدوار والمسؤوليات

(3) تعزيز إدارة المنتج - وهي من النقاط التي تأتي في المقام الأول، أما الجانب السلبي فهو نسيان جدول الأعمال، وعليه لم تتم النقاش مطلقًا ! 


الحدث الأكثر سلبية هو تذمر المسؤولون التنفيذيون من سوء الفهم قيمة ما قدموه إلى المفاوضات. كما تم الإعراب عن شكاوى أخرى. والأسوأ من ذلك، هو تراجع الرئيس التنفيذي عن هدفه المقصود وحاول إرضاء الجميع و "صنع السلام" دون الالتزام بأي تغييرات مطلوبة. وعليه انحدر باقي الاجتماع إلى معركة داروينية من أجل البقاء.

على الرغم من أن كبار القادة في الشركة قد كلفوا إجراء الدراسة، إلا أن العمل لم يكن بالدرجة الكافية لإثارة القلق نحو الجوانب السلبية، ولم يكن هناك دافع كبير لتغيير أي شيء، ما حدث بالمحصلة هو دفاع القادة عن مراكزهم وتركوا غرفة الاجتماعات مع استراتيجية العمل كالمعتاد. على الرغم من أن هذا كان حدثًا نادرًا، فهل من الممكن أن تستكشف بعض هذه السلوكيات في شركتك الخاصة؟


دراسة حالة 2 : قيادة الفريق التشغيل او المبرمجين أو أي تخصص آخر بعيدًا عن إدارة المنتجات 
الحالة أ : 

في إحدى الشركات، حيث كان التخصص الهندسي التقني له تأثيرًا على استراتيجيات المنتجات؛ بسبب الخبرة المعروفة، وبهذا زعموا معرفة فائقة بالمنتج لأنهم تلقوا جميع التصعيد والشكاوى، ومع ذلك فإن تركيزهم على التفاصيل الفنية أثر كبير على موضوعيتها العامة. في مفارقة ساخرة، لم يدركوا حتى أن العديد من الشكاوى نتجت عنه ميزات سيئة التصميم أو تصميمات غير مناسبة، والسبب في هذا كله لم تكن إدارة المنتج راسخة في هذه الشركة. 


وفي تقديري لم يكن لديهم عدد كافٍ من مديري المنتجات؛ بالإضافة إلى ذلك لم يكن لدى موظفيهم ما يكفي من المعرفة بالمنتج أو الخبرة في السوق للتأثير الاستراتيجي للمنتجات، وزعم كبار القادة أنهم يريدون تغيير الوضع الراهن وإعادة التنظيم من أجل إدارة أكثر فاعلية للمنتجات، لكنهم لم يجدوا تنظيم مالي سليم  لفعل ذلك. 

في نهاية القصة: لم يتغير شيء! حافظ المهندسون على الوضع الراهن، وكتب مديرو المنتج المتطلبات دون تنفيذ، وتعاملوا مع العملاء أو مشاكل المنتج على نفس النسق. وبذلك نستنتج أن سعي بعض الشركات للحصول على المشورة ما هو إلا شكل خارجي، لكن يصعب عليهم الخروج من منطقة الراحة الداروينية الخاصة بهم.

الحالة ب:
في قسم خدمات الخزانة لبنك تجاري كبير، تولت إدارة العمليات زمام الأمور؛ بسبب وجودهم  في الخطوط الأمامية، ولاعتقادهم أنهم الأفضل بتقييم وإدارة شكاوى العملاء، ومن خلال ثقتهم، تم إحضارهم إلى تطبيقات خدمات العملاء ومشاريع التكامل. ومع ذلك، لم يكونوا مجهزين للعمل بصفتهم مديري المنتجات، على الرغم من خبرتهم بالمنتج. علاوة على ذلك، كان هناك تضارب في المصالح والكثير من الاحتكاك بين مجموعة العمليات وفريق تكنولوجيا المعلومات؛ لأن تكنولوجيا المعلومات شعروا بأنهم فهموا المنتج بشكل أفضل من أي مجموعة أخرى.

في الواقع، كان مديرو المنتجات هم من يتمتعون بأفضل الخبرات الوظيفية، ولكن تم نقلهم إلى أدوار مشابهة لمحللي الأعمال أو مديري المشاريع، بسبب رؤية الإدارة العليا في القسم الذي يتطلع في المستقبل إلى زيادة مهارات مديرو المنتجات في فهم السوق ومحاولة التوصل إلى الحلول الأكثر ابتكارًا، لكنه افتقر إلى الفرص لتنفيذ هذه الفكرة، علاوة على ذلك لم يكن لدى معظم مديري المنتجات الوقت أو الميل أو الخبرة لدعم تطوير مهاراتهم الفردية الأخرى.

بالمحصلة…

عندما يحاولون الأشخاص اللذين يفقدون الخبرة الحقيقية في إدارة المنتجات توحيه أصحاب الخبرة حسب توجهاتهم وأجندتهم الخاصة، فاعلم أنه سيكون له تأثيرات و الاضطرابات ستؤدي إلى عواقب غير مرغوب فيها. على سبيل المثال:

1. عندما تكن القيادة من المبيعات، فإن أولويتهم الأولى هي إنجاز الصفقات.
2. عندما تكن القيادة بيد الفريق التقني سيكن التركيز على الجانب التكنولوجي وعرضه السوق.
3. عندما يقود الممول، يكن التركيز على تنظيم الأسعار لتلبية أهداف التكلفة ووضع المتطلبات على الهامش.

وبالنتيجة فإن الخطوة الأولى للحصول على النتائج المرغوب بها هي إن التعرف على إدارة المنتج وغرس الفهم لجميع الفرق في دور إدارة المنتج بالمنظمة، وكيف يمكنها زيادة الكفاءة وتعزيز العمل الجماعي.


 

Add new comment

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.